الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فروق لغوية دقيقة: .الفرق بين الحظ والقسم: أن كل قسم حظ وليس كل حظ قسما وإنما القسم ما كان عن مقاسمة وما لم يكن عن مقاسمة فليس بقسم فالإنسان إذا مات وترك مالا ووارثا واحد قيل هذا المال كله حظ هذا الوراث ولا يقال هو قسمة لأنه لا مقاسم له فيه فالقسم ما كان من جملة مقسومة والحظ قد يكون ذلك وقد يكون الجملة كلها..الفرق بين النصيب والحظ: أن النصيب يكون في المحبوب والمكروه يقال وفاه الله نصيبه من النعيم أو من العذاب ولا يقال حظه من العذاب إلا على استعارة بعيدة لأن أصل الحظ هو ما يحظه الله تعالى للعبد من الخير والنصيب ما نصب له ليناله سواء كان محبوبا أو مكروها ويجوز أن يقال الحظ اسم لم يرتفع به المحظوظ ولهذا يذكر على جهة المدح فيقال لفلان حظ وهو محظوظ والنصيب ما يصيب الإنسان من مقاسمة سواء ارتفع به شأنه أم لا ولهذا يقال لفلان حظ في التجارة ولا يقال له نصيب فيها لأن الربح الذي يناله فيها ليس عن مقاسمة..الفرق بين النصيب والحصة: أن بعضهم قال إن الحصة هي النصيب الذي بين وكشف وجوهه وزالت الشبهة عنه وأصلها من الحصص وهو أن يحص الشعر عن مقدم الرأس حتى ينكشف ومنه قول ابن السكيت:وفي القرآن {الآن حصحص الحق} ولهذا يكتب أصحاب الشروط حصته من الدار كذا ولا يكتبون نصيبه لأن ما تتضمنه الحصة من معنى التبيين والكشف لا يتضمنه النصيب وعندنا أن الحصة هي ما ثبت للإنسان وكل شيء حركته لتثبته فقد حصحصته وهذه حضتى أي ما ثبت لي وحصته من الدار ما ثبت له منها وليس يقتضي أن يكون عن مقاسمة كما يقتضي ذلك النصيب. .الفرق بين النصيب والخلاق: أن الخلاق النصيب الوافر من الخير خاصة بالتقدير لصاحبة أن يكون نصيبا له لأن اشتقاقه من الخلق وهو التقدير ويجوز أن يكون الخلق لأنه مما يوجبه الخلق الحسن..الفرق بين النصيب والقسط: أن النصيب يجوز أن يكون عادلا وجائرا وناقصا عن الاستحقاق وزائدا يقال نصيب مبخوس وموفور والقسط الحصة العادلة مأخوذة من قولك أقسط إذا عدل يقال قسط القوم الشيء بينهم إذا قسموه على القسط ويجوز أن يقال القسط اسم للعدل في القسم ثم سمي العزم على القسط قسطا كما يسمى الشيء باسم سببه وهو كقولهم للنظر رؤية وقيل القسط ما استحق المقسط له من النصيب ولابد له منه ولهذا للجوهر قسط من المساحة أي لابد له من ذلك. اهـ..التفسير المأثور: قال السيوطي:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)}أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {من يشفع شفاعة حسنة...} الآية. قال: شفاعة بعض الناس لبعض.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال: من يشفع شفاعة حسنة كان له أجرها وإن لم يشفع، لأن الله يقول: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} ولم يقل يشفع.وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجره ما جرت منفعتها.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {يكن له نصيب منها} قال: حظًا منها. وفي قوله: {كفل منها} قال: الكفل هو الإثم.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي والربيع في قوله: {كفل منها} قالا: الحظ.وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: الكفل والنصيب واحد، وقرأ {يؤتكم كفلين من رحمته}.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {وكان الله على كل شيء مقيتًا} قال: حفيظًا.وأخرج أبو بكر ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطبراني في الكبير والطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {مقيتًا} قال: قادرًا مقتدرًا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول أحيحة بن ألأنصاري:وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد الله بن رواحة. أنه سأله رجل عن قول الله: {وكان الله على كل شيء مقيتًا} قال: يقيت كل إنسان بقدر عمله.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {مقيتًا} قال: شهيدًا حسيبًا حفيظًا.وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {مقيتًا} قال: قادرًا.وأخرج ابن جرير عن السدي قال: المقيت القدير.وأخرج عن ابن زيد. مثله.وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: المقيت الرزاق. اهـ. .تفسير الآية رقم (86): قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)}.مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما كان ذلك موجبًا للإعراض عنهم رأسًا ومنابذتهم قولًا وفعلًا، وبين سبحانه وتعالى أن التحية ليست من وادي الشفاعة، وأن الشفاعة تابعة للعمل، والتحية تابعة للظاهر، فقال سبحانه وتعالى عاطفًا على ما تقديره: فلا تشفعوا فيهم وأنتم تعلمون سوء مقاصدهم، فقال معبرًا بأداة التحقق بشارة لهم بأنهم يصيرون- بعد ما هم فيه الآن من النكد- ملوكًا، وفي حكم الملوك، يحبون ويشفع عندهم، وحثًا على التواضع: {وإذا حييتم بتحية} أي أي تحية كانت إذا كانت مشروعة، وأصل التحية الملك، واشتقاقها من الحياة، فكأن حياة الملك هي الحياة وما عداها عدم ثم أطلقت على كل دعاء يبدأ به عند اللقاء؛ وقال الأصبهاني: لفظ التحية صار كناية عن الإكرام، فجميع أنواع الإكرام تدخل تحت لفظ التحية {فحيوا بأحسن منها} كأن تزيدوا عليها {أو ردوها} أي من غير زيادة ولا نقص، وذلك دال على وجوب رد السلام- من الأمر، وعلى الفور- من الفاء والإجماع موافق لذلك، وترك الجواب إهانة، والإهانة ضرر، والضرر حرام؛ قال الأصبهاني: والمبتدئ يقول: السلام عليكم، والمجيب يقول: وعليكم السلام، ليكون الافتتاح والاختتام بذكر الله سبحانه وتعالى.وما أحسن جعلها تالية لآية الجهاد إشارة إلى أن من بذل السلام وجب الكف عنه ولو كان في الحرب، على أن من مقتضيات هاتين الآيتين أن مبني هذه السورة على الندب إلى الإحسان والتعاطف والتواصل، وسبب ذلك إما المال وقد تقدم الأمر به في قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة} [النساء: 8]، وإما غيره ومن أعظمه القول، لأنه ترجمان القلب الذي به العطف، ومن أعظم ذلك الشفاعة والتحية، قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم والأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه «والذي نفسي بيده! لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم» فناسب ذكر هاتين الآيتين بعد ذكر آية الجهاد المختتمة بالبأس والتنكيل. اهـ..من أقوال المفسرين: .قال الفخر: في النظم وجهان:الأول: أنه لما أمر المؤمنين بالجهاد أمرهم ايضا بأن الأعداء لو رضوا بالمسألة فكونوا أنتم أيضا راضين بها، فقوله: {وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} كقوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا} [الأنفال: 61].الثاني: ان الرجل في الجهاد كان يلقاه الرجل في دار الحرب أو ما يقاربها فيسلم عليه، فقد لا يلتفت إلى سلامه عليه ويقتله، وربما ظهر أنه كان مسلما، فمنع الله المؤمنين عنه وأمرهم ان كل من يسلم عليهم ويكرمهم بنوع من الاكرام يقابلونه بمثل ذلك الاكرام أو أزيد، فإنه ان كان كافرا لا يضر المسلم ان قابل إكرام ذلك الكافر بنوع من الاكرام، أما ان كان مسلما وقتله ففيه أعظم المضار والمفاسد. اهـ..قال ابن عاشور: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا}عطف على جملة {من يشفع شفاعة حسنة} [النساء: 85] باعتبار ما قُصد من الجملة المعطوفة عليها، وهو الترغيب في الشفاعة الحسنة والتحذير من الشفاعة السيّئة، وذلك يتضمّن الترغيب في قبول الشفاعة الحسنة ورَدّ الشفاعة السيّئة.وإذ قد كان من شأن الشفيع أن يَدخل على المستشفَع إليه بالسلام استئناسًا له لقبول الشفاعة، فالمناسبة في هذا العطف هي أنّ الشفاعة تقتضي حضور الشفيع عند المشفوع إليه، وأنّ صفة تلقّي المشفوع إليه للشفيع تؤذن بمقدار استعداده لقبول الشفاعة، وأنّ أول بَوادر اللقاء هو السلام وردّه، فعلّم الله المسلمين أدب القبول واللقاء في الشفاعة وغيرها وقد كان للشفاعات عندهم شأن عظيم.وفي الحديث: «مرّ رجل فقال رسول الله: ماذا تقولون فيه؟ قالوا: هذا جدير إن شفع أن يشفَّع».الحديث حتى إذا قبل المستشفَع إليه الشفاعة كان قد طيَّب خاطر الشفيع، وإذا لم يقبل كان في حسن التحية مرضاة له على الجملة. وهذا دأب القرآن في انتهاز فرص الإرشاد والتأديب.وبهذا البيان تنجلي عنك الحيرة التي عرضت في توجيه انتظام هذه الآية مع سابقتها، وتستغني عن الالتجاء إلى المناسبات الضعيفة التي صاروا إليها. اهـ..قال القرطبي: قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ} التّحِيّة تفعلة من حييت؛ الأصل تَحْيِيَة مثل تَرْضية وتَسْمِية، فأدغموا الياء في الياء.والتحية السلام.وأصل التحية الدعاء بالحياة.والتحيات لله، أي السلام من الآفات.وقيل: المُلْك.قال عبد الله بن صالح العِجلِيّ: سألت الكسائي عن قوله «التحيات لله» ما معناه؟ فقال: التحيات مثل البركات؛ فقلت: ما معنى البركات؟ فقال: ما سمعت فيها شيئًا.وسألت عنها محمد بن الحسن فقال: هو شيء تعبّد الله به عباده.فقدِمت الكوفة فلقيت عبد الله بن إدريس فقلت: إني سألت الكسائي ومحمدًا عن قوله «التحيات لله» فأجاباني بكذا وكذا؛ فقال عبد الله بن إدريس: إنهما لا علم لهما بالشّعر وبهذه الأشياء؟ا التحية الملك؛ وأنشد:وأنشد ابن خُوَيْز مَنْدَاد: يريد على ملكه.وقال آخر: وقال القتبي: إنما قال «التحيات لله» على الجمع؛ لأنه كان في الأرض ملوك يُحَيَّوْن بتحياتٍ مختلفات؛ فيقال لبعضهم: أبَيْتَ اللّعْنَ، ولبعضهم: اسلم وانعم، ولبعضهم: عِش ألف سنة.فقيل لنا: قولوا التحيات لله؛ أي الألفاظ التي تدل على المُلْك، ويكنى بها عنه لله تعالى. اهـ.
|